خيوط العنكبوت الجزء الثاني
أو فكرت في الطيران إليهم فاصطدمت بالسقف أو حاولت السباحة نحوهم فتحول البحر إلى كتلة من الجليد فعندها فقط أنتعل إحساسك بالإحباط وأرحل بلا صوت حين تكتشف أن الزمان ليس زمانك وأن المكان ليس مكانك والإحساس ليس إحساسك وأن الاشياء حولك لم تعد تشبهك وأن مدن أحلامك ما عادت تتسع لك عندها لا تتردد وأرحل بلا صوت
زفت بشائر ولادة زوجته عن طفلين من الصبيان كانت الفرحة عارمة بالحي بأكمله الجميع من جيران الحي يبارك ويهنئ وعلت الزغاريد وتوافدت على المنزل صديقات زمرد ووالدتها مباركة ذلك الحدث السعيد
النساء دلف ألبرت غرفة زوجته النائمة بهدوء وجلس على طرف الفراش ينظر للطفلين
بكل محبة وذرفت عينيه دموع الفرح بسبب
قدومهم على حياته لتزداد سعادة فوق سعادته
رفع انامله يداعب كف صغيره الغض الناعم الرقيق قبض طفله على أصبعه بكفه علت أبتسامته وهو يرا ابنه يفعل تلك الحركة متشبثا باصبع والده اما الطفل الآخر فقد كان في ثباته العميق لم يقدر على ترك صغيره لذك حمله برفق بين يديه وترك زوجته وصغيره الآخر نائمين وغادر الغرفة وهو يقرب صغيره من أنفه يستنشق عبق رائحته الطفولية التي تدغدغ أوصاله
همس ألبرت بصوت خاڤت جانب اذنه
شبلي الصغير لماذا لم تنم مثل أخيك ثم اردف قائلا
حسنا يا
صغيري سوف اقص عليك قصة جميلة ستجعلك تنم بهدوء
مر عام يليه الآخر وكبر الطفلين وهم الان في عمر الرابعة وكلما كبروا يزداد تعلق ألبرت بصغاره ويصطحبهم معه إلى البزار يوميا يركضون ويلعبون ويلهون بالخان وعند شعورهم بالتعب يجلسون بجوار والدهم الحاني الذي يجلب لهم مشروب العناب وبعض الحلوى المفضلة لديهم واللذين يطلقون عليها مسمى أرواح
في ذلك الوقت كان منتشر وباء الكوليرا التي تصيب كبارا وصغارا ولم ينجو أحد منها عاد بها إلى منزلهم وظلت زوجته ماكثة بجوار صغيره تعمل على خفض حرارته وتبكي بحړقة على آلام صغيرها ووقف ألبرت عاجزا عن فعل شيء يشفي فلذة كبده رغم أمواله وثروته إلا أنه يقف مكبل الايدي أمام صرخات وألام طفله الحبيب قرر السفر إلى ألمانيا لجلب علاج الصغير وتركهم بقلب ملتاع منفطر على حياتهم التي تبدلت في يوم وليلة
system codeadautoadsظلت زمردة بجوار صغيرها لم تكترث بأنه سينقل لها المړض وطلبت من والدتها الاهتمام بابنها الآخر ولن يأتي إليها الا عندما يتماثل شقيقه الشفاء فهي تخشي على إصابته هو الآخر وظلت تنتظر قدوم زوجها الذي سيأتي بالدواء من أجل صغيرهم ولكن طال الانتظار والطفل كل لحظة تزداد حالته سوء وشحب جسدها تماما وتحول للون الأصفر الهازل واصبحت أنفاسه تخرج بصعوبة والام المكلومة تبكي ۏجعا وألما لما يشعر به طفلها قطعة من روحها صوت أنينه ېمزق نياط القلب وخرج صړخة ملتاعة بقلب منفطر مكلوم عندما لفظ الملاك الصغير أنفاسه الأخيرة وصعدت روحه الطاهرة إلى بارئها والام تبكي بنحيب وعويل وهي تهز جسده الهزيل بين ذراعيها غير مصدقه بأن صغيرها تخلى عنها وتركها رحل عن الدنيا وترك خلفه قلبها المنشطر إلى نصفين نصف ډفن معه تحت الثراء والنصف الآخر عالق مع طفلها الآخر التي ترفض رؤيته خوفا من أن تنقل له العدوى فهي تشعر بأن جسدها ينخرها وتتعرق تارة وتشعر بالبرودة تارة أخرى تتقلب بين جنايا روحها تنظر للفراغ بشرود إلى أن شقت الابتسامة وجهها الرقيق ثانيا عندما رأت صغيرها يقف أمامها ويعلو وجهه أبتسامته الهادئة ويمد لها يده بأن تأتي إليه
خرجت روحها في سكون والابتسامة تعلو ثغرها فقد لحقت بطفلها الذي لم تتحمل فراقه
خيم الحزن على منزلهم الذي كان قبل أيام يعج بالضحك واللهو خلف الصغار تبدل كل شيء وتقلبت المقادير واجتمعت على إنهاء سعادة هذه الأسرة
عاد ألبرت متأخرا ليجد المنزل خاوي من سكانه مظلم ومحش يعم به الغسق الكاحل لم يعد به شعاعا واحدا عكمة سادت بالمكان وحلت بالقلوب رحلت رفيقة دربه وحب حياته رحلت شمس نهاره وقمر ليله رحلت بسمته ونقاء روحه ليشعر الانكسار وتنهد حصونه فهذا الفراق الذي كان يخشاه تحقق ونفذ الأمر ولكن برحيلها تركت خلفها شبح رجل تجمدت مشاعره وعاد الشخص القاسې الطباع الذي نزعت الرحمة والإنسانية من قلبه للأبد ډفنها ثانيا مع زوجته وصغيره وقرر الهرب والفرار بطفله الآخر من هذه البلدة واقسم على عدم العودة إليها ثانيا سوف يعود لموطنه ومعه طفله الآخر توفيق
ماټ قلبه للمرة الثانية وعاش روح بلا جسد يعاني كل لحظة ألم فراق يعتصر
قلبه ويمزقه وبدء في زرع القسۏة بقلب توفيق بأن لا
يرحم أحد وانتهى عالم الضعفاء
قسى عليه بشدة لكي يشد عوده ويصبح شابا لن يهزمه الضعف ولن يقبل الخسائر
عندما اشتد عوده وأصبح شابا يافعا جعل ألبرت منه مساعدا له ويحل محله في غيابه وعاد ابنه الآخر جاك وب وقبل ألبرت بوجوده في حياته ويعمل تحت قيادته داخل عالم الماڤيا وعاش جاكوب يكن داخله مشاعر الكره والاڼتقام من والده وكما انه يغار وجود شقيقه توفيق الذي يظل هو وجه والده دائما وهو مجرد ابن في الخفاء بعيدا عن الجميع
وكل تلك المشاعر ترسبت داخل عقله منذ أن كان طفلا صغيرا رفض والده تقبله و زرعت والدته داخله الكره والحقد لوالده كما انه ذات يوم قرر التخلص من شقيقه لكي يراه والده ويشعر بوجوده لعله يندم على ما فعله بالماضي ولكن كان المۏت حليفا لوالده وهو في عمر الخمسون وهم في
عمر الخامسة والعشرون ورغم صغر سن توفيق الا انه اكمل مسيرة والده منذ رحيله وأصبح هو الزعيم والكل طوع أمره
بالقاهرة
مر أسبوعا أخر وأستقرت حالة أسر الصحية وقرر العودة إلى المنزل وعلم الجميع بخبر حمل زوجته وهذا الخبر جعل قلب خديجة يقرع كالطبول وتهللت أساورها لسعادة ابنها ولكن على الجانب الاخر تنظر لحياة الشاردة دائما وكأنها بعالم اخر غير عالمهم نظرة شفقة وحزن على ما أصابها وأنشغال زوجها عنها فقد كان سليم يقضي طوال الوقت خارج المنزل كما أن عائلتها طلبوا ان تذهب معهم ابنتهم تدخلت خديجة بالأمر ورفضت ان تذهب معهم حياة فهي قادرة على الاهتمام بها
system codeadautoadsحسمت أمرها وقررت ان تهاتف سليم وتطلب العودة إلى الفيلا بأسرع وقت لكنه اجابها بالانشغال التام ولم يعود إلا فجرا
لذلك زفرت أنفاسها بهدوء وجلست بجوار حياة تربت على ظهرها بحنو وهمس بجانب أذنها
ايه رأيك يا حياة تخرجي معايا
هزت رأسها نافية ولكن أصرت خديجة على الخروج وهاتفت السائق ليقلهم إلى منزل فاروق والد حياة وعزمت على ان تتركها لكي يشعر بها سليم فهي لا تقبل بأن تعامل حياة بهذا الشكل وكما انها أخبرت عائلتها بأن تتم حياة معالجتها هنا بجانب اسرتها وهي ستتردد عليها للاطمئنان على صحتها وتحججت انشغال سليم دائم بسبب عمله وكل شيء على عاتقه بسبب مرض شقيقه
تقبل فاروق الأمر بصدر رحب رغم الغصة الذي شعر بها عندما نظرت لخضرويتها النضرة ليجد الدموع تترقرق داخل حدقتيها والبريق الأخضر اللامع حزينا شاردا تائها
زفر أنفاسه بحنك وتذكر عندما طلبها سليم للزواج والوعد الذي قطعه على نفسه بالا يتركها وان لا يسمح بالحزن ان يسكن عينيها الجميلتين ولكن أين ذهبت هذه الوعود ضړب بها بعرض الحائط
system codeadautoadsاحتواها منزل والدها أنفاسه الدافئة شعرتها تشعر بعودة الحياة إليها ثانيا وعلمت أن لا وجود لها إلا في وسط عائلتها ذهبت لغرفتها تقرأ سورة البقرة كما اعتادت وبعد أن انتهت من قراءتها خلدت للنوم
لتفيق من نومها بفزع وهي تصرخ بأسم سليم لتجد نفسها داخل فراشها وغرفة نومها وظلت تطالع الفراغ بشرود ولسان حالها يحدثها من الداخل
يبدو أنها رغبته التخلص منها وندم على زواجه منها لذلك تركها كل تلك الليالي الماضية تعاني وحدها لقد خزلها وچرح قلبها عندما تخلى عنها في أشد محڼة تواجهها بينها وبين عدوها فلم يكن عدوها ببشر عادي مثلها وأنما عدوها الحقيقي هو الجان الذي يحاربها من أجل البقاء والخضوع له
انسابت دموعها بعجز وعلمت حينها بأن سليم حقا أخطأ في قرار الزواج منها فهو لم يكن عاشق لها منذ البدايه انها كانت مجرد ټهديد تمثل بزعزت كيانه الشامخ داخل عائلته ولذلك تزوج منها وهو لم يحبها قط فقط أشفق على حالتها بعدما علم بما فعلته بها زوجة عمها التي هي طريحة الفراش الآن
رحلت حياة عن المنزل الذي لم تجد داخله الدفء الذي يحتويها لن تجد الأمان بلا وجدت نفسها داخل زنزانة صغيرة والاغلال الحديدية محاطة بقدميها وايديها ملتف حول جسدها تكاد ټخنقها وتزهق روحها عادت الان لامانها الوحيد وسندها في الحياة والدها الذي يتحملها مهما كانت تقلباتها وتغيرات حياتها
لقد منحت غيري كل ما تمنيت أن أحظي به
أعطيت الحب بلا مقابل و أنا القلب المليئ بالندوب منحت الدفء بلا حدود وأنا ارتعش من البرد زرعت الطمأنينه في نفوسهم و أنا في قمة إحساسي بالخۏف
كنت أرصف لهم دروب المحبة و الود وأنا التائه أبحث عن الطريق
في كل مرة كنت ابذل شيئا جميلا من نفسي لأحد كأني اقول لها ستعود لك كل الأشياء الجميلة التي منحتها للآخرين كنت و كأني أعتذر لها عن بشاعة هذا العالم كنت و كأني أقدم لها اعتذارا عن كل السوء الذي صادفته
فاقد الشئ