بين الحقيقة والسراب
مينفعش أتعدي على حضرتك ده إنت وليها ولازم أستأذن برده.
ضحك الإثنان علي طريقته الدعابية في التراجع عن حديثه سمعت ضحكاتهم فريدة فأتت إليهم مرددة بترحاب لمريم وهي تأخذها بين ها
ازيك ياحبيبتي نورتى بيتك
واستطرد قائلة باستفسار
وهى تنظر إليهم
ماتضحكونا معاكم كده ولا إحنا في همكم بس مدعيين .
قص عليها جميل ماقاله رحيم بنفس طريقته فابتسمت ودعتهم للدخول لتناول العشاء فقد قارب الليل .
ومما زادها قلقا اكثر أنه دعاها للعشاء منذ يومين ولم يهاتفها كي يتفقا على الموعد مما جعلها ترتعب داخلها ان يكون ليس بخير
في اثناء سيرها في الممر المؤدي الى مكتبها قابلت علي صديقه وسألته
ممكن اعرف مستر مالك فين ما بيجيش بقى له تلت ايام وقافل تليفوناته كلها وأنا في شغل متعطل معايا ولازم يتابعه معايا .
نظر لها نظرات مؤسفة لأنه على علم بكل شيء حدث لصديقه الغالى على قلبه ورأى أنه الآن يعيش أسوء أيام عمره
فأجابها بنبرة حزينة نابعة من عيناه يراها الأعمى
مالك في أزمة نفسية شديدة جدا يا ريم وحالته صعبة وانا خاېف عليه جدا يجرى له حاجه بسبب اللي حصل له .
أيتركني ذلك المالك بعد ان عشقته!
أمن الممكن أن يذهب بعد أن تعلقت به هو الآخر !
لا ياربي كن بجانبي ولا تريني فيه مكروها فأنا الآن عاشقة ذلك المالك الذي اخرجني من قمة الحزن إلي منتهى السعادة بتقربه مني
ماله يا علي قلقتنى جدا
واستطردت بعيون تنطق خوفا
هو مالك جرى له حاجة
بنظرات حزينة وقلقه على صاحبه أجابها
مالك في احتياجك دلوقتي جدا وأظن مفيش غيرك تقدر تطلعه من حالته دي
وتابع توضيحه بأسى
انا دلوقتي هوديكي المكان اللي هو موجود فيه هو محرج عليا جدا اعرف حد مكانه لحد ما يداوي
واستطرد بإبانة عندما رأى علامات الاندهاش على وجهها
ما تستغربيش انا عارف كل حاجه عن مالك لأن أنا وهو يعتبر اكتر من الأخوات مش أصحاب بس علشان كده انا شايف ان ما فيش غيرك هيقدر يرجع ابتسامة مالك الجوهري
ها نتوكل على الله
هو حاليا قاعد في مكانه المفضل اليخت بتاعه واللي تقريبا مقيم فيه من ساعة اللي حصل ويا ريت ما تسألينيش عن اللي حصل أفضل ان هو اللي يحكي لك كل حاجة.
لم تفكر كثيرا فقررت أن تذهب معه على الفور فهى لن تتحمل فقدانه هو الآخر وخاصة بعد أن أحبته بشدة وأجابته
إنت لسه هتسألنى يالا من فضلك ودينى ليه علشان إنت قلقتنى أووي.
ابتسم لها براحة قلب واطمئن قلبه أخيرا على صديق عمره وعلى أنه حقا وجد الحب الحقيقي بعد عڈاب سنوات من الضياع
وانطلق بها إلي مكان مالك وبعد نصف ساعة وصلا إلى اليخت وصعد بها إلي الداخل وأشار بها إلي مكانه واستئذنها في المغادرة كي يترك لهما مساحة للكلام كي يصلا إلي بر الأمان في علاقتهما
ساقتها قدماها إليه وهي يجلس شاردا مغمض العينين أمام البحر نظرت إليه مطولا وهي تحفر معالم وجهه المټألمة والسارحة في ملكوت الۏجع لم تمكث كثيرا تنظر إليه نظراتها الهائمة حيث استمعت
إليه يردد وهو مغمض العينين كما هو وفي حالة استرخائه ملقيا
جسده علي تلك الأرجوحة مرددا
ياه كان قلبي حاسس إن قلبك هيجيبك وهتيجي لي في أشد أوقات احتياجي ليكي .
اتسعت مقلتيها بذهول وأردفت تحادث حالها لوهلة
يا الهي كيف علمت بوجودي وانت مغمض العينين!
أحس بذهولها وقام بفتح عيناه مرددا باحساس عال لا يخرج إلا من عاشق
متستغربيش إني حسيت بوجودك وعبيرك اللى بحسه من الجنة ومين زيي يحس بحبيبه اللى استناه سنين لحد مالقاه .
وقفت قبالته وأردفت ودمع العين يلمع من شدة تأثرها ووجدت لسان حالها ينطق دون وعي
بحبك وجيت لك علشان أقول لك خلاص يالا نبنى عشنا الجديد ومن النهاردة لو حابب .
كان يملك ۏجعا يكفى العالم بأكمله مما حدث له وما إن استمع إلي اعترافها قام منتفضا من مكانه وقف أمامها مع مراعاة المسافة مرددا بارتياح توغل جسده
يااااااااه ياريما أخيرا قلتيها وأخيرا سمعتها
وتابع هيامه بها وهم في مشهد يحبس الأنفاس فالشمس ورائهم قد قاربت على الغروب والبحر أمامهم ونجوم السماء تضوى بريقا لامعا فقد حان الوقت لإنطلاق العاشقين في سماء الحب المتيم لقلبهم
كلامك كأنه هدية نزلت من السما برد قلبي الموجوع بالظبط زي المطر اللى نزل في صحرا زرعها قرب ېموت واخير ارتوى من عطاء الله .
أشار إليها بعينيه أن تجلس علي تلك الأرجوحة فنظرت إليها بحب وجلست نفس مكانه وكم أحست بشعور الدفئ أما وهو جلس على الكرسي الموجود أمامها وتابع حديثه
عارفه انا بتخيل إيه دلوقتي ياريم .
بصوت خفيض أجابته
ايه ياقلبها .
ابتسم بعشق جارف وأجابها
بتخيل اننا هنتجوز النهاردة وأجيبك في نفس المكان ونقعد أنا وإنتي نفس مكانك ده وبتخيل قربك مش عارف حاسس إني هبقي في حبك وقربك أنانى لدرجة متقدريش توصلي لها .
دقات قلبها تتسارع من كلماته فهو بارع في حديث المحبين ومن شدة خجلها ابتسمت وهي تومئ برأسها أرضا أما هو أكمل ولهه بها فقد أنسته حزنه في لحظة كم هى جميلة في نظره وأردف بنبرة صوت عاشقة
ياه مقابلتش في نوعيتك دي ستات خالص ياريما إنتي نوع مختلف خجلك يشد يخلي أي راجل يبقي عايز يقتحم حصون الخجل دي إنتي متعرفيش إنتي بتعملي فيا ايه وجوايا بيبقي ثاير ومحتاج وملهوف لقربك
وتابع بتأكيد
يعنى كل الستات اللى أنا عرفتهم واللي منهم عاشرتهم مكنوش زيك أبدا فعلا إنتي غيرهم .
خرجت من حالة التيهة التى انتابتها جراء تصريحاته الأخيرة وأردفت باندهاش
ستات وعاشرتهم ! ليه إنت راجل مزواج وأنا مش واخدة بالي ولا بتاع ستات ولا إيه بالظبط.
ضحك بشدة حتى سعلت عيناه من غيرتها البادية على وجهها وطريقة حديثها وأردف بنبرة مشاغبة
الله ده القمر طلع بغير بقي وأنا واخد بالى أوووي .
مطت شفتيها بدلال وأردفت بنبرة معترضة
بغير مين لاااااا متقلبش المواضيع وتتوه لازم تحكي لي كل حاجة دلوقتي حالا ده أولا ثانيا تقول لي ليه مختفي بقالك تلت أيام وقافل تليفوناتك
يا الله لقد نسي حزنه في قربها ولكن الآن ذكرته مرة ثانية أخذ نفسا عميقا ثم زفره بهدوء وأجابها
أنا اتجوزت مرتين أول مرة نهال كنا عايشين نوعا ما كويسين اتجوزتها وأنا مالك اللى لسه متخرج من كلية الفنون ومكنتش أملك حاجة خالص وقفت جمبي وساعدتني وادتنى دهبها فتحت
مصنع صغير بقرض كبيير من البنك وبقيت أشتغل ليل نهار علشان أقدر أسدد القرض وتمر الايام والسنين وأكتشف إن عندي مانع من الخلفة والدكاترة مش قادرين يعرفوا المانع ده من إيه ومقدرتش تصبر كتيير من زن أهلها طلبت مني الطلاق ومش بس كدة طالبتني بدهبها وبفلوس كانت جايبهالي من والدها وكانت دين عليا هسده في وقت معين ضغطت عليا جامد وشدت الحبل أووي وسابتنى في عز مانا محتاجها ماديا ومعنويا
وتابع حديثه وعلامات وجهه متأثرة بذكراه المريرة
كنت كونت معارف وبدأ اسمي يظهر واستلفت لها الفلوس من كل مكان وقررت إني مستسلمش للضعف والخذلان وصنعت من عز الضعف قوة لنفسي لايستهان بيها وبقيت مالك الجوهرى عافرت سنين وسنين وكنت بتابع مع دكتور واللي خلاه يتعجب إن بدأ يشوف إن العلاج بيجيب نتيجة معايا لكن في حاجة غامضة هو مش فاهمها ومرت الشهور ونهال عرفت إن حالتى بتتحسن فحاولت مرارا وتكرارا إننا
نرجع لبعض لكن أنا رفضت بشدة وسافرت روما علشان أحضر المعرض السنوي وهناك قابلت جوليا واتعرفت عليها واتجوزنا في أربع شهور لكن لقيت طباعي غير طباعها واتطلقنا بعدها بشهرين
لم يريد أن يفشى لها سر طلاقه منها ولا أن يخبرها أنه طلقها في نفس الليلة التى تزوجها بها كى يحفظ سرها فمالك رجل بمعنى الكلمة
وهناك رحت تابعت مع دكتور كبير وعملت تحاليل جينات من ساعة ماتولدت ولكى أن تتخيلي قال لي ايه
الدكتور علي التحاليل.
سألته بانتباه لكل كلمة
قال لك ايه الدكتور ساعتها
كان موجوعا مټألما مجروحا ولكن أجابها كي يهدأ ويرتاح باله
قال لي إني قعدت سنين أخد علاج سبب لي عقم وإني كنت سليم وطبيعي جدا.
شهقت پصدمة وهي تضع يدها على فمها تكتم صوتها وفتحت أعينها علي وسعهما مرددة بذهول
معقولة الكلام ده ! مين قدر يعمل فيك كدة .
بعينين داميتين أثر تذكره أحابها
أختي بنت أمي وابويا.
اتست بؤبؤ عينيها وهتفت باستنكار
أختك ! إزاي تعمل كدة انت متأكد متظلمهاش .
نظر أمامه بشرود
تصوري إني قررت بعد تفكير كتيير إني مدورش وأسأل واستفسر عن اللي عمل كدة علشان كنت خاېف من الۏجع اللي مهما قلت لك إحساسه مرير قد إيه مش هتصدقى
وتابع بمرارة في حلقة كمرارة العلقم
جوزها اللي عرف بمحض الصدفة ومنعها إنها تكمل أذيتها ليا ولما اختلفوا مع بعض بسبب مشاكلها اللى مش بتخلص اتكلم وقال لنا علي اللي عملته ساعتها الدنيا اسودت في عنيا وعلشان وصية ابويا ليا إني أخلي بالي من اخواتي ونظرة امي اللي الۏجع كان قرب يخرج منهم وينطق معملتهاش حاجة وسبت البيت وجيت على هنا وأنا محطم ومتدمر من الأخ اللي معدش فيه خير لأخوه .
تنهد بقوه بعد أن أنهى حكواه فأغلقت عيناها من هول زفيره وأومأت تطمأنه
طيب ممكن ننسى اللي فات ومنفكرش فيه ونبدا في اللي جاي وكفاية ألم لحد كدة .
تعلقت عيناها به بنظرة ضائعة أرجفت ذلك القابع بين أضلعه
أشاح عيناه عنها ثم زفر أنفاسه بقوة
تفتكري هقدر